سياسات الهجرة واللجوء الجديدة في بريطانيا: تغييرات غير مسبوقة ونموذج دنماركي

شدّدت الحكومة البريطانية بقيادة حزب العمال سياساتها تجاه الهجرة غير الشرعية، خاصة عمليات العبور بالقوارب الصغيرة من فرنسا، وأعلنت استعدادها للكشف الكامل عن خطتها يوم الإثنين المقبل. جاءت هذه التغييرات استجابة للضغط المتزايد من حزب الإصلاح البريطاني الشعبوي، الذي جعل ملف الهجرة محور النقاشات السياسية وأجبر الحكومة على اتخاذ مواقف أشد صرامة. **قطع الدعم المالي لطالبي اللجوء القادرين على العمل:** أعلنت وزارة الداخلية البريطانية أن المساعدات المادية ستصبح اختيارية، ويمكن حرمان القادرين على العمل من أي دعم أو خدمات رسمية. الهدف من هذه الخطوة هو ردع الوافدين غير النظاميين وتسريع إعادتهم إلى بلدانهم الأصلية. أكثر من مائة جمعية خيرية وجّهت خطابًا لوزارة الداخلية للاعتراض على الإجراءات، معتبرة أنّها تؤجج العنصرية وتضر بالفئات الأكثر ضعفًا. وفق استطلاعات الرأي، أصبحت قضية الهجرة تتفوق على الملف الاقتصادي في اهتمامات الناخب البريطاني. **النموذج الدنماركي: اللجوء المؤقت ومصادرة الممتلكات** بين مارس 2024 و2025، تقدم أكثر من 109,000 شخص بطلبات لجوء في بريطانيا، بزيادة 17٪ عن السنة السابقة، وتجاوزت النسبة الرقم القياسي المسجل في 2002. تعتمد الحكومة نموذج الدنمارك في الإصلاحات الجديدة، مما يعني منح إقامة مؤقتة لطالبي اللجوء وفرض شروط صارمة للاندماج، مع تدقيق مستمر حول الأوضاع الأمنية في بلدانهم الأصلية. الدنمارك تمنح طالبي اللجوء تصاريح إقامة مؤقتة لمدة عامين غالبًا، ويمكن ترحيلهم إذا قررت السلطات أن بلدهم أصبح "آمنًا"، مع تعقيد شديد لمسار الحصول على الجنسية وقيود على لم الشمل. ومن الإجراءات المثيرة للجدل في الدنمارك أيضًا قانون يسمح بمصادرة أصول طالبي اللجوء لتمويل الدعم. **الوضع الحالي لطالبي اللجوء في بريطانيا** بريطانيا تمنح حق اللجوء لمدة خمس سنوات لمن يثبت أنه غير آمن في بلده أو يعاني من الاضطهاد. بعدها يمكن التقدم للإقامة الدائمة بشروط. أما في الدنمارك فقد أدت السياسات المتشددة إلى خفض عدد طلبات اللجوء لمستوى غير مسبوق منذ 40 عامًا، مع ترحيل معظم المرفوضين. تفاقمت مشاعر العداء ضد الوافدين في بريطانيا، وشهد صيف 2025 مظاهرات أمام الفنادق الحكومية المخصصة لإيواء طالبي اللجوء. هذه النزعة تنتشر أيضًا في الاتحاد الأوروبي مع ضغوط كبيرة بعد وصول ملايين اللاجئين بين 2015 و2016. **تفاصيل أبرز الإصلاحات البريطانية الجديدة:** - إغلاق مسار العمالة الماهرة للرعاية الاجتماعية منذ يوليو 2025 وعدم قبول طلبات خارجية جديدة. - رفع الحد الأدنى للأجور المطلوبة لتصاريح العمل الماهرة إلى 41,700 جنيه سنويًا أو أكثر حسب التخصص. - حظر لمّ شمل العائلات في بعض تأشيرات العمل. - تشديد متطلبات اللغة الإنجليزية وطول مدة الإقامة المطلوبة لبعض الفئات قبل التقدم للإقامة الدائمة بدءًا من 2026. - تعليق طلبات لم شمل الأسر للاجئين إلا عبر المسارات التقليدية. - إلغاء برنامج الترحيل إلى رواندا. - إجراءات أمن حدودية جديدة: تأسيس هيئة قيادة أمن الحدود، وزيادة التعاون مع الدول الأخرى، وتعزيز صلاحيات التفتيش والمصادرة. - زيادة عمليات الترحيل: إعادة حوالي 36,000 شخص في السنة المنتهية يونيو 2025. - تقليص منح التأشيرات السنوية وتقليل الاعتماد على العمالة الأجنبية. - زيادة العاملين على ملفات اللجوء لتسريع البت في الطلبات. **مواقف أبرز الأحزاب السياسية:** | الحزب | السياسة/الإعلان | التفاصيل | |-----------------------|--------------------------------------|--------------------------------------------------------------------| | حزب العمال | إجراءات صارمة وانتقائية | تشديد معايير لم الشمل، تعليق مؤقت للمسارات الإنسانية، ترحيل موسع. | | المحافظون | راديكالية وانسحاب قانوني | الانسحاب من المواثيق الدولية، تقليص حق الطعون القانونية. | | الإصلاح البريطاني | إجراءات شعبوية متشددة | سن قوانين للترحيل الجماعي، التركيز الشعبي الدائم على ملف الهجرة. | | الديمقراطيون الليبراليون | مواقف إنسانية | إعادة المسارات الإنسانية ولمّ الشمل، حلول لمعالجة تراكم الملفات. | | حزب الخضر | تسهيل المعابر الآمنة | إنشاء مسارات قانونية وآمنة، منع الهجرة عبر القوارب. | **دلالات السياسات الجديدة:** - تشديد إجراءات منح التأشيرات والعمل ولم الشمل، مع رفع معايير الأهلية، وزيادة التدقيق الأمني. - تطبيق النموذج الدنماركي يلغي فكرة اللجوء الدائم ويجعل الترحيل ممكنًا عند استقرار الأوضاع في بلد الأصل. - المخاوف من الإضرار بالفئات الأضعف ومن تصاعد خطاب العداء للمهاجرين، مع قلق واسع ومتصاعد في الشارع البريطاني حول مستقبل الهجرة.